فصل: من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {الله لا إله إلا هو}:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال القرطبي:

هذه السورة ورد في فضلها آثار وأخبار، فمن ذلك ما جاء أنها أمَانٌ من الحيات، وكنْزٌ للصُّعْلوك، وأنها تُحَاجّ عن قارئها في الآخرة، ويُكْتَب لمن قرأ آخرها في ليلةٍ كقيام ليلة، إلى غير ذلك.
ذكر الدارمي أبو محمد في مسنده حدّثنا أبو عُبَيْد القاسم بن سلاَم قال: حدثني عُبَيْد الله الأشجَعي قال: حدثني مِسْعَر قال: حدثني جابر، قبل أن يقع فيما وقع فيه، عن الشَّعْبيّ قال: قال عبد الله: نعِم كنْزُ الصُّعْلوك سورةُ آل عمران يقوم بها في آخر الليل.
حدّثنا محمد بن سعيد حدّثنا عبد السلام عن الجُرَيْرِيّ عن أبي السَّلِيل قال: أصاب رجل دمًا قال: فأوى إلى وادي مَجَنّة: وادٍ لا يمشي فيه أحد إلا أصابته جنّة، وعلى شَفير الوادي راهبان، فلمّا أمسى قال أحدهما لصاحبه: هلك والله الرجل! قال: فافتتح سورةَ آل عمران قالا: فقرأ سورة طَيْبة لعله سينجو.
قال: فأصبح سليمًا.
وأسند عن مَكْحُول قال: من قرأ سورة آل عمران يوم الجمعة صلت عليه الملائكة إلى الليل.
وأسند عن عثمان ابن عفان قال: من قرأ آخر سورة آل عمران في ليلة كتب له قيام ليلة.
في طريقه ابن لَهِيَعة.
وخرّج مسلم عن النوّاس بنِ سَمْعَان الكِلاَبيّ قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يُؤتَى بالقرآن يوم القيامة وأهلهِ الذين كانوا يعملون به تَقْدُمه سورة البقرة وآل عمران وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسيتُهُنَّ بعدُ، قال: كأنهما غمامتان أو ظُلّتان سَوْداوان بينهما شَرْقٌ أو كأنَّهما حِزْقانِ من طير صَوَافَّ تُحَاجّان عن صاحبهما» وخرّج أيضا عن أبي أُمَامَة الباهليّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه اقرءوا الّزهْرَاوَين البقرة وسورة آل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غَيَايتَان أو كأنهما فِرْقَانِ من طير صَوَافّ تُحاجَّان عن أصحابهما اقرءوا سورة البقرة فإنّ أخْذها بركةٌ وتركها حسْرةٌ ولا يستطيعها البَطَلة» قال معاوية: وبلغني أن البطلة السَحَرَة. اهـ.

.قال الفخر:

اعلم أن مطلع هذه السورة له نظم لطيف عجيب، وذلك لأن أولئك النصارى الذين نازعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه قيل لهم: إما أن تنازعوه في معرفة الإله، أو في النبوّة، فإن كان النزاع في معرفة الإله وهو أنكم تثبتون له ولدًا وأن محمدًا لا يثبت له ولدًا فالحق معه بالدلائل العقلية القطعية، فإنه قد ثبت بالبرهان أنه حي قيوم، والحي القيوم يستحيل عقلًا أن يكون له ولد وإن كان النزاع في النبوّة، فهذا أيضا باطل، لأن بالطريق الذي عرفتم أن الله تعالى أنزل التوراة والإنجيل على موسى وعيسى فهو بعينه قائم في محمد صلى الله عليه وسلم، وما ذاك إلا بالمعجزة وهو حاصل هاهنا، فكيف يمكن منازعته في صحة النبوّة، فهذا هو وجه النظم وهو مضبوط حسن جدًا فلننظر هاهنا إلى بحثين.
البحث الأول: ما يتعلق بالإلهيات فنقول: أنه تعالى حي قيوم، وكل من كان حيًا قيومًا يمتنع أن يكون له ولد، وإنما قلنا: أنه حي قيوم، لأنه واجب الوجود لذاته، وكل ما سواه فإنه ممكن لذاته محدث حصل تكوينه وتخليقه وإيجاده على ما بينا كل ذلك في تفسير قوله تعالى: {الله لا إله إلا هو الحى القيوم} وإذا كان الكل محدثًا مخلوقًا امتنع كون شيء منها ولدًا له وإلها، كما قال: {إِن كُلُّ مَن في السموات والأرض إِلاَّ ءَاتِى الرحمن عَبْدًا} [مريم: 93] وأيضا لما ثبت أن الإله يجب أن يكون حيًا قيومًا، وثبت أن عيسى ما كان حيًا قيومًا لأنه ولد، وكان يأكل ويشرب ويحدث، والنصارى زعموا أنه قتل وما قدر على دفع القتل عن نفسه، فثبت أنه ما كان حيًا قيومًا، وذلك يقتضي القطع والجزم بأنه ما كان إلها، فهذه الكلمة وهي قوله: {الحى القيوم} جامعة لجميع وجوه الدلائل على بطلان قول النصارى في التثليث.
وأما البحث الثاني: وهو ما يتعلق بالنبوّة، فقد ذكره الله تعالى هاهنا في غاية الحسن ونهاية الجودة، وذلك لأنه قال: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الكتاب بالحق} [آل عمران: 3] وهذا يجري مجرى الدعوى، ثم أنه تعالى أقام الدلالة على صحة هذه الدعوى، فقال: وافقتمونا أيها اليهود والنصارى على أنه تعالى أنزل التوراة والإنجيل من قبل هدىً للناس، فإنما عرفتم أن التوراة والإنجيل كتابان إلهيان، لأنه تعالى قرن بإنزالهما المعجزة الدالة على الفرق بين قول المحق وقول المبطل والمعجز لما حصل به الفرق بين الدعوى الصادقة والدعوى الكاذبة كان فرقًا لا محالة، ثم أن الفرقان الذي هو المعجز كما حصل في كون التوراة والإنجيل نازلين من عند الله، فكذلك حصل في كون القرآن نازلًا من عند الله وإذا كان الطريق مشتركًا، فإما أن يكون الواجب تكذيب الكل على ما هو قول البراهمة، أو تصديق الكل على ما هو قول المسلمين، وأما قبول البعض ورد البعض فذلك جهل وتقليد، ثم أنه تعالى لما ذكر ما هو العمدة في معرفة الإله على ما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، وما هو العمدة في إثبات نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم لم يبق بعد ذلك عذر لمن ينازعه في دينه فلا جرم أردفه بالتهديد والوعيد فقال: {إِنَّ الذين كَفَرُواْ بأيات الله لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ والله عَزِيزٌ ذُو انتقام} [آل عمران: 4] فقد ظهر أنه لا يمكن أن يكون كلام أقرب إلى الضبط، وإلى حسن الترتيب وجودة التأليف من هذا الكلام، والحمد لله على ما هدى هذا المسكين إليه، وله الشكر على نعمه التي لا حد لها ولا حصر. اهـ.

.قال القرطبي:

روى الكِسائيّ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلّى العشاء فاستفتح آل عمران {فقرأ الم الله لا إله إلا هو الحيُّ القَيَّامُ} فقرأ في الركعة الأولى بمائة آية، وفي الثانية بالمائة الباقية.
قال علماؤنا: ولا يقرأ سورة في ركعتين، فإن فعل أجزأه.
وقال مالك في المجموعة: لا بأس به، وما هو بالشأن.
قلت: الصحيح جواز ذلك.
وقد قرأ النبيّ صلى الله عليه وسلم بالأعراف في المغرب فرّقها في ركعتين.
خرّجه النسائي أيضا، وصحّحه أبو محمد عبد الحق. اهـ.

.قال الماوردي:

فإن قيل: {الم} اسم من أسماء الله تعالى كان قوله: {اللهَ لا إله إلا هو} نعتًا للمسمى به، وتفسيره أن {الم} هو الله لا إله إلا هو.
وإن قيل: أنه قسم كان واقعًا على أنه سبحانه لا إله إلا هو الحي القيوم، إثباتًا لكونه إلهًا ونفيًا أن يكون غيره إلهًا.
وإن قيل بما سواهما من التأويلات كان ما بعده مبتدأ موصوفًا، وأن الله هو الذي لا إله إلا هو الحي القيوم. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {الله لا إله إلا هو}:

.قال الفخر:

أما قوله: {الله لا إله إلا هو} فهو رد على النصارى لأنهم كانوا يقولون بعبادة عيسى عليه السلام فبيّن الله تعالى أن أحدًا لا يستحق العبادة سواه.
ثم أتبع ذلك بما يجري مجرى الدلالة عليه فقال: {الحى القيوم} فأما الحي فهو الفعال الدراك وأما القيوم فهو القائم بذاته، والقائم بتدبير الخلق والمصالح لما يحتاجون إليه في معاشهم، من الليل والنهار، والحر والبرد، والرياح والأمطار، والنعم التي لا يقدر عليها سواه، ولا يحصيها غيره، كما قال تعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34] وقرأ عمر رضي الله عنه {الحى القيوم} قال قتادة، الحي الذي لا يموت، والقيوم القائم على خلقه بأعمالهم، وآجالهم، وأرزاقهم، وعن سعيد بن جبير: الحي قبل كل حي، والقيوم الذي لا ند له، وقد ذكرنا في سورة البقرة أن قولنا: الحي القيوم محيط بجميع الصفات المعتبرة في الإلهية، ولما ثبت أن المعبود يجب أن يكون حيًا قيومًا ودلّت البديهة والحسن على أن عيسى عليه السلام ما كان حيًا قيومًا، وكيف وهم يقولون بأنه قتل وأظهر الجزع من الموت.
علمنا قطعًا أن عيسى ما كان إلها، ولا ولدًا للإله تعالى وتقدس عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا. اهـ.

.قال الطبري:

وأولى التأويلين بالصواب ما قاله مجاهد والربيع، وأنّ ذلك وصفٌ من الله تعالى ذكره نفسه بأنه القائم بأمر كل شيء، في رزقه والدفع عنه، وكلاءَته وتدبيره وصرفه في قدرته من قول العرب: فلان قائم بأمر هذه البلدة، يعنى بذلك: المتولي تدبيرَ أمرها.
فـ {القيوم} إذ كان ذلك معناه الفيعول من قول القائل: الله يقوم بأمر خلقه. وأصله القيووم، غير أن الواو الأولى من القيووم لما سبقتها ياء ساكنة وهي متحركة، قلبت ياء، فجعلت هي والياء التي قبلها ياء مشدّدة. لأن العرب كذلك تفعل بالواو المتحركة إذا تقدمتها ياء ساكنة.
وأما {القيَّام}، فإن أصله القيوام، وهو الفيعال من قام يقوم، سبقت الواو المتحركة من قيوام ياء ساكنة، فجعلتا جميعًا ياء مشدّدة.
ولو أن {القيوم} فَعُّول، كان القوُّوم، ولكنه الفيعول. وكذلك القيّام، لو كان الفعَّال، لكان القوَّام، كما قيل: الصوّام والقوّام، وكما قال جل ثناؤه: {كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} [سورة المائدة: 8]، ولكنه الفيعال، فقيل: القيام. وأما {القيِّم}، فهو الفيعل من قام يقوم، سبقت الواو المتحركة ياء ساكنة، فجعلتا ياء مشددة، كما قيل: فلان سيدُ قومه من ساد يسود، وهذا طعام جيد من جاد يجود، وما أشبه ذلك.
وإنما جاء ذلك بهذه الألفاظ، لأنه قصد به قصدَ المبالغة في المدح، فكان القيوم والقيّام والقيم أبلغ في المدح من القائم، وإنما كان عمر رضي الله عنه يختار قراءته، إن شاء الله، القيام، لأنّ ذلك الغالب على منطق أهل الحجاز في ذوات الثلاثة من الياء الواو، فيقولون للرجل الصوّاغ: الصيّاغ، ويقولون للرجل الكثير الدّوران: الدَّيار.
وقد قيل إن قول الله جل ثناؤه: {لا تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [سورة نوح: 26] إنما هو دوّار، فعَّالا من دار يَدُور، ولكنها نزلت بلغة أهل الحجاز، وأقِرّت كذلك في المصحف. اهـ.

.قال ابن عاشور:

ابتدئ الكلام بمسند إليه خبره فعلي: لإفادة تقوية الخبر اهتماما به.
وجيء بالاسم العلم: لتربية المهابة عند سماعه، ثم أردف بجملة {لا إله إلا هو}، جملة معترضة أو حالية، ردا على المشركين، وعلى النصارى خاصة. وأتبع بالوصفين {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} لنفي اللبس عن مسمى هذا الاسم، والإيماء إلى وجه انفراده بالإلهية، وأن غيره لا يستأهلها؛ لأنه غير حي أو غير قيوم، فالأصنام لا حياة لها، وعيسى في اعتقاد النصارى قد أميت، فما هو الآن بقيوم، ولا هو في حال حياته بقيوم على تدبير العالم، وكيف وقد أوذي في الله، وكذب، واختفى من أعدائه. اهـ.

.قال القشيري:

هو الذي لا يلهو فيشتغل عنك، ولا يسهو فتبقى عنه، فهو على عموم أحوالك رقيبُ سِرِّك؛ إنْ خلوتَ فهو رقيبك، وإن توسطت الخَلْقَ فهو رقيبك، وفي الجملة- كيفما دارت بك الأحوال- فهو حبيبك. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف الفيروزآبادي:

قال رحمه الله:
من أَسمائها سورة آل عمران، والسُّورة التي يذكر فيها آل عمران، والزَّهراء.
وعمران المذكور هو عمران والد موسى هارون عليهما السّلام وهو ابن يصهر بن فاهث بن لاوى بن يعقوب. وأَما عمران والد مريم فهو ابن ماتان بن أَسعراد بن أَبى ثور.
وهذه السّورة مَدَنية باتِّفاق جميع المفسرين. وكذلك كلُّ سورة تشتمل على ذكر أَهل الكتاب. وعدد آياتها مئتان بإِجماع القُرَّاء.
وكلماتها ثلاثة آلاف وأَربعمائة وثمانون. وحروفها أَربعة عشر أَلفًا وخمسمائة وخمسة وعشرون حرفًا.
والآيات المختلف فيها سبع: الم، {الإِنْجِيل} الثانى، {أَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} {وَرَسُولًا إِلَى بَنِى إِسْرَاءِيل}، {مِمَّا تُحِبُّونَ}، {مَقَامَ إِبْرَاهِيم}، والإِنجيل الأَول في قوله بعضهم.
مجموع فواصل آياتها (ل ق د ا ط ن ب م ر) يجمعها قولى: (لقد أَطنب مُرّ) والقاف آخر آية واحدة {ذُوقُواْ عَذَابَ لْحَرِيقِ} والهمز آخر ثلاث آيات {لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ} {إِنَّكَ سَمِيْعُ الدُّعَاءِ} {كَذَلِكَ اللهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}.
ومضمون السّورة مناظرة وَفْد نجران، إِلى نحو ثمانين آية من أَوّلها، وبيان المحكَم، والمتشابِه، وذمٌّ الكفَّار، وَمَذَمَّة الدنيا، وشَرَفُ العُقْبى، ومدح الصَّحابة، وشهادة التَّوحيد، والرَّد على أَهل الكتاب، وحديث ولادة مَرْيم، وحديث كَفَالة زكريا، ودعائه، وذكر ولادة عيسى، ومعجزاته، وقصى الحَوَاريّين، وخبر المباهلة، والاحتجاج على النَّصارى، ثمّ أَربعون آية في ذكر المرتدِّين، ثم ذكر خيانة علماء يهودَ، وذكر الكعبة، ووجوب الحج، واختيار هذه الأُمّة الفُضْلى، والنَّهى عن موالاة الكفار، وأَهل الكتاب، ومخالفى المِلَّةِ الإسلامية. ثم خمس وخمسون آية في قصّة حَرْب أُحُدٍ، وفى التخصيص، والشكوى من أَهل المركز، وعذر المنهزِمين، ومنع الخَوض في باطل المنافقين، (وتقرير قصّة الشهداء، وتفصيل غَزْوَة بدر الصغرى، ثم رجع إِلى ذكر المنافقين) في خمس وعشرين آية، والطَّعن على علماء اليهود، والشكوى منهم في نقض العهد، وترك بيانهم نعتَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم المذكور في التَّوراة، ثم دعواتِ الصحابة، وجدهم في حضور الغزوات، واعتنامهم درجة الشهادة. وختم السورة بآيات الصبر والمصابرة والرِّباط.
وأَمَّا الناسخ والمنسوخ في هذه السورة فخمس آيات: {وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ}. بآية السّيف {كَيْفَ يَهْدِي للَّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} إِلى تمام ثلاث آيات {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوْا} نزلت في الستة الذين ارتدوا ثم تابوا وأَسلموا {اتَّقُواْ للَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} {وَجَاهِدُوْا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ} {فاَتَّقُواْ للَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. اهـ.

.من فوائد الشعراوي:

قال رحمه الله:
{الم}:
وجاءت أيضا في سور أخرى، في سورة العنكبوت، وفي سورة الروم، ولقمان، والسجدة، وزاد عليها راءً في بعض السور، وزاد عليها صادًا في بعض السور {المص} و{المر} كل ذلك جاء تأكيدًا للمعاني أو تأكيدًا للسر الذي وضعه الله في هذه الحروف، وإن لم نكن ندرك ذلك السر.
والإنسان ينتفع بأسرار الأشياء التي وضعها من أوجد الأشياء وإن لم يعلم هذه الأشياء فهو منتفع بها، وضربنا المثل وقلنا: إن الريفي الذي ليس عنده ثقافة في الكهرباء، أيستفيد بالكهرباء أم لا؟ أنه يستفيد بها ويحرك زر المصباح لينيره أو ليطفئه، أهو يعلم سر ذلك؟ لا، لكنه إنما انتفع به، فكذلك المؤمن حين يقول: ألف- لام- ميم، يأخذ سرها من قائلها، فهمها أم لم يفهمها، إذن فالمسألة لا تحتاج إلى أن نفلسفها، صحيح أن العقل البشري يحول حول شيء ليستأنس به، ولكن عطاء الله وحكمة العطاء فوق ما يستأنس به وفوق ما نستوحش منه.